[ 0 منتجات ]
لا يوجد منتجات.
الذهاب للعربة

حلي الأمازيغ بين الثقافة و الموضة

بدايةً  الأمازيغ أو البربر أو الليبي أو الأفريقي هم مجموعة إثنية من شمال أفريقيا ، سكنت المنطقة الممتدة من واحة سيوة شرقا إلى المحيط الأطلسي غرباً ، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى نهر الصحراء الكبرى جنوباً ، وهي المنطقة التي كان يطلق عليها الإغريق قديما اسم نوميديا .
 
اختلف المؤرخون في أصل تسمية البربر أو البرابرة التي تعد اسما لاتينيا عنصريا يعني المتوحشين أو الهمجيين البدائيين ، أطلقه اليونانيون في غزواتهم لبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط على كل الأجانب والأمازيغ ممن لا ينتمي لحضارتهم ومنظومتهم الثقافية والحضارية الإغريقية الرومانية (المميزة باللغة الإغريقية والدين اليوناني) ولعل بقاء الشمال الإفريقي خاضعا للنفوذ الروماني إلى غاية الفتح الإسلامي فسر بقاء اسم البربر لصيقا بغجر شعوب المنطقة .
 
وقد عرف الأمازيغ تاريخياً في العصور القديمة تحت عدة مسميات أبرزها : الليبيين، الموروس، الغيتوليون ، الجرمنتيون أو نوميديا. ويدعو البربر أنفسهم إمازيغن (أي: الأمازيغ)، ما يعني الإنسان الحر، أو الإنسان النبيل. هذا الاسم الذي تبناه شعب شمال أفريقيا لأنفسهم قد يأتي من اسم مَازِيْسَسْ   (Mazices)، الذي أطلق على البربر من قبل الرومان. وقد حافظ الأمازيغ على لغتهم الأم اللغة الأمازيغيةالمنتمية لعائلة اللغات الأفروآسيوية القديمة .
 
أما حلي الأمازيغ فيختلف عن غيره من أنواع الحلي لأن كل قطعة حلي ترمز إلى شيء من الثقافة الأمازيغية ، فالرموز الأمازيغية هي مجموعة من العلامات المعروفة بتصاميمها المتميزة وتتمتع بلغة فريدة وتجسد قوة مبدعيها واستقلالية خيالهم الواسع في مجال الإبداع، أما أشكالها الهندسية فهي جذابة وتوحي بدلالات ورسالات كانت سائدة قبل أن يظهر القلم والورق، فالزربية الأمازيغية تتطلب معرفة عميقة وحسابات رياضية تستحوذ على البال وهي تعد وتعد حتى تنقل عن طريق التكرار والنقل لتفادي الأخطاء مع تجنب أي إضافات تمس الهوية، فالزربية قبل أن تكون إبداعا فهي مرآة تعكس الكثير من ملامح الثقافة الفردية والجماعية.
 
إن تتبع العلامة من خلال الزربية الأمازيغية بشكل عام يمكننا من معرفة الثقافة التي كانت سائدة في الماضي،بل معرفة الحاضر أيضا في أوجهه المتعددة،كما تمكننا الأشكال التي تُرسم على هذا النوع من المعرفة الشعبية إلى مدى قدرة الإنسان الأمازيغي على تكييف كل ما يوجد حوله من ظواهر؛سواء كانت تتعلق بالمناظر الطبيعية والبيئة المادية المحيطة أو ما يتعلق بالحكايات والأساطير والأخيلة،بل حتى ما يتعلق بالتاريخ وخصوصا الإحتكاك والتأثر بالحضارات الأخرى،إن الزربية إذن من خلال ما قلناه تعد مساحة ملغومة بالرموز والعلامات ومن ثم فهي كل مركب يجمع بشكل ما من الأشكال تجاذبات المعاني والصور المتضادة التي تحكي عن معاناة وأقراح الصانع تماما كما تدل على أفراحه،إنها صيغة رمزية مضمرة تحتاج إلى كثير من التفكيك،وتفكيكها يحتاج إلى قراءة مستفيضة ويقظة .
 
إن الزربية الأمازيغية بمختلف أنواعها تتوفر على كوكبة من الأشكال الزخرفية المتنوعة التي لا يمكن أن تجد زربية دونها سواء في الريف أو الأطلس الكبير أو المتوسط،ولكن رغم أن هذه الأشكال توجد في جميع أنحاء العالم إلا أنها لدى الأمازيغ تحكي عن معاني ودلالات أخرى سنحاول الغوص فيها.
 
أولا:الأشكال الخالصة ودلالاتها الرمزية في الزربية الأمازيغية
 
1- الشكل المثلث
 
في أول قراءة للرموز المثلثة نلاحظ أنها في تركيباتها تتطابق مع التراث الهندسي الفرعوني الذي تقاسمت معه الأمازيغية في السابق تاريخا عدوانيا وثقافة عقائدية كادت أن تكون متشابهة،وانطلاقا من الشكل الثلاثي الذي غالبا ما نجده في الزربية مبنيا من مركبات متماثلة وفي بعض الأحيان متقابلة فإننا في العمق نحصل على أن هناك تقارب بينه وبين الهرم،ولأن من صمم الأهرامات المصرية استلهم ذلك من مواقع النجوم كانت المثلثات الأمازيغية تحاكيها في الإبداع [1]،ويجرنا الشكل المثلث أيضا والذي في صيغة أخرى أي ما يشبه هرمين مقلوبين إلى معنى ودلالة أخرى لا تتعلق بالمصريين وإنما بالآلهة،ونجد الرمز الذي يسمى ‘أموركشي’ يجسد فعلا أحد آلهة الأمازيغ القدامى،فالرموز الأمازيغية بصفة عامة استعملت في بدايتها للإشارة والنعت ثم التشبيه بأسلوب هيروغليفي عرفه الإنسان القديم،وعندما نقارن بين أنماط من الزربية الأمازيغية وبعض علامات فن النحت على جدران الكهوف والقطع الأثرية المنتمية إلى مختلف الثقافات الأولى التي عرفتها الإنسانية، نجد نفس المبادئ في استخدام العلامات والنماذج والأشكال بل ويمكن أن تفاجأ حين نكتشف بعض أوجه التشابه أو التطابق، وذلك حتى مع مظاهر العصر الحجري القديم الأعلى في أوروبا والعصر الحجري الحديث في الشرق وكذلك حوض البحر الأبيض المتوسط وبالتالي، قد يمكن ربما اعتبار الزربية الأمازيغية آخر دليل شاهد على العالم القديم. على تنوع أشكاله، ويعبر تعدد المثلثات أيضا عن اللغة المجردة والهندسية للزربية الأمازيغية المنشقة بالأساس من الجسد، وبالتحديد من أشكال وظائف الأعضاء التناسلية للإنسان، ثم أنها مبنية بشكل أساسي على الازدواجية والالتقاء المتواجد بين الجنسين، تمثل تعبيرا عن شكل من أشكال سحر الخصوبة الكونية، مشتملة بذلك الطبيعة بأسرها.
 
2- الشكل المربع
 
إن من يتمعن في شكل المربع داخل مساحات الزربية سيحسب أنه وضع فقط اعتباطا أو لملئ جوانب معينة فقط،لكن تحليلا عميقا يفيد أن المربع يضمر دلالات سيميولوجية عميقة،أولها أنه سر للنظام ودليل على الأرض لذلك فإن مساحات الزربية الأصيلة يجعلها المربع تابعة للنظام ومنتمية إلى ثقافة الوحدة،إن المربع بشكل أخر مبني بصفة أساسية على الازدواجية والالتقاء المتواجد بين الجنسين،إنه تعبير عن شكل من أشكال سحر الخصوبة الكونية،هو يشمل أيضا الطبيعة بأسرها و يؤطرها كإبداع فني للمرأة الأمازيغية، التي تعكس أولا وقبل كل شيء مراحل حياتها وتجربتها الجنسية كفتاة عذراء، أو كامرأة حديثة العهد بالزواج [2]،إن التربيع في دلالاته العميقة داخل الزربية يعرف تماما أن صانها لم يدخل بعد إلى القفص الزوجي،تعرف تماما أن اليد الصانعة كانت بالفعل عذراء،وبهذا ينتقل الجسد الأعزب في الانتقال والهجرة بين عدة أنظمة وحمولات،كما أن الجسد كيان رمزي يعمل على مداورة واختراق وضعه الهامشي بتمديد مجاله الرمزي والبلاغي،حيث يمكننا اعتبار البساط والنسيج امتدادين للسند الجسدي وفضاء أخر لاشتغال الدليل ضمن حركة المغايرة وحديث اللاوعي، ومن ثم تكون سلسلة المربعات المتقابلة مساحة رمزية يعبر فيها الجسد عن رمزيته ويترجم صوته ورغباته عبر مختلف الأنظمة الدلالية التي تؤرخ لوضعه الهامشي وما يحيل عليه من أشكال القمع أو الإخفاق أو المتعة أو الصراع [3]،إن تتبع العلامة المربعة أيضا يحيلنا على أشياء كثيرة من بينها أنه رغبة عن الامتداد الجغرافي وتطلع لمستقبل مزهر يملأه النظام والانتظام.
 
3- الشكل الدائري
 
إن الدائرة في الزربية الأمازيغية في إحدى مدلولاتها السيميولوجية إشارة إلى الاكتمال والتكامل في نفس الوقت،وهو يشير إلى لعبة حضور شريك خفي يستلزم الغياب،فغياب التماثل التركيبي بالشكل واللون في فضاء البساط،يوحي باقتصاد دلائلي ويحيل أيضا على استحضار مجازي للجسد الأنثوي الصانع،فالدليل المنسوج يستدعي حضور شريك خفي،والتماثل والحضور داخل وسط الدائرة مضمران في الغياب،إذ أن الجسد هنا ومحيطه الرمزي،وعلى نحو امتدادي يشغر الفراغ ويدلل التكامل الروحي الحاضر والغائب معا ليعبر عن تبادل مفعم بالحيوية وعنف ورغبة ومتعة محظورة تعبر عنه يدي الصانع[4]،إنه بكل بساطة تعبير عن وجود روح أخرى تتماثل مع الصانعة وتوحي لها بالإبداع.
وبالإضافة إلى هذا الاكتمال تكون الدائرة فضاء معلنا عن الضوء الساطع الذي يكشف الظلمة وينير الفراغ،وبالتالي فإنه مصدر للنور المبتوت في قلب الجسد الصانع،وتعبير عن أنه ينتمي إلى عالم يسوده البياض،تتخذ الدائرة معالم كثيرة تستدعي أيضا ثنائيات الحضور والغياب التي يحضر فيها البعد التعددي بين الرغبة والحاجة والظلمة والنور والتأمل والشرود وهي كلها دلالة على الانتماء إلى فضاء مفعم بالروح.
 
وللرموز الأمازيغية وأشكال الحلي قصة لا يمكن اختصارها في هذه الكلمات ، ولدينا على موقعنا مجموعة من تلك المنتجات المتميزة ولصاحبتها قصة في التعرف على الثقافة الأمازيغية ، ولكل منتج من منتجاتها قصة كاملة .
الاكثر قراءة
التعليقات